|

أطفالنا .. وآثار الجائحة النفسية  

الكاتب : الحدث 2022-02-12 01:19:49

بقلم - محمد بن مرضي
 
ابتداءً نحمد الله كثيراً على ما رزقنا به من دولة عظيمة وقيادة حكيمة تضع الإنسان والمواطن السعودي في قمة هرم أولوياتها ، كما أننا فخورين بالإنجاز العالمي الذي وضع وزارة الصحة ببلدنا العظيم على قمة هرم دول العالم في مواجهة الجائحة ، وبعودة المدارس حضورياً استبشرنا خيراً ، لثقتنا الكبيرة في الجهود التي بذلت ولازالت في تحجيم أثر الجائحة والسيطرة عليها ، وهذا القرار رغم صعوبته في الفترة الحالية إلا أنه بإذن الله مؤشراً إيجابياً لعودة الحياة إلى طبيعتها ، ولكن الذي لايدركه غير المتخصصين هو أن الخوف والتوتر والقلق مثل الوباء تماماً ينتشر مثل النار في الهشيم .. والسؤال ماهو وضع أبناءنا النفسي خلال عودتهم وماذا قدّم لهم من دعم نفسي وأسري خلال الفترة الماضية ، فالآثار النفسية لاترى بالعين المجردة ولكنها تظهر فور سماع أقرب إصابة منهم ، إن الإحصائيات الأخيرة تقول بأن عدد الأطفال في السعودية من سن (5-18) حسب هيئة الإحصاءات العامة خلال عام 2021 مايقارب 8 مليون طفل ، وهذا يعادل 24 ٪ من جملة السكان والأكيد بأن هناك وبحسب الدراسات الحديثة المحلية والعالمية ، تغيرات سيكولوجية ونفسية تم رصدها تهدد بعدم عودة الحياة (النفسية) لطبيعتها لدى الأطفال ما بعد انتهاء جائحة ⁧‫كورونا ‬⁩.. فكيف أثر الوباء على الأطفال ونفسياتهم؟
منذ تفشي وباء كورونا بالعالم ظهرت أنماط شخصية جديدة بيننا لدرجة تثير القلق حول سيكولوجيا البعض ، وربما تمتد لما بعد انتهاء الجائحة خاصة بين الأطفال ، وهناك أرقام ودراسات عدّة تشير إلى تعرض الصحة العقلية والنفسية للأطفال للخطر ، فهناك مايقارب 1.5 مليون طفل سيحتاجون إلى علاج نفسي كتأثير مباشر للوباء ، ما يهدد بزيادة المخاطر وبعدم عودة الحياة النفسية لطبيعتها لمعظم الأطفال فيما بعد انتهاء الوباء وظهور تأثيرات على الصحة النفسية والسلوكية للطفل على المدى الطويل نظراً لما مروا به من تغيرات في نمط الحياة المفاجئ من إغلاق مدارس وحجر صحي وعزلة وحظر عام لم يشهده التاريخ قبل ذلك  كما أكد ذلك خبراء الصحة النفسية الذين يحذرون من مايسمى بـ "انفجار الصدمة المنغلقة" وهي حالة نفسية تظهر على شكل نوبات خوف وهلع تصيب الأطفال الذين أعمارهم خمس سنوات أو تزيد عن ذلك أثناء مقابلة أصدقائهم  في فترات ما بعد الإغلاق أو أثناء ذهابهم إلى المدرسة ، فالخبراء يعتقدون أن فترات الإغلاق السابقة ورواسبها ومضاعفة أعداد الإصابات والوفايات اليومية ، زادت من مشاعر الخوف والقلق عند الأطفال بالخروج من المنزل والاختلاط عن قرب بأقرانهم في المدرسة ، وامتداداً لذلك حذر عدد من الباحثين في الكلية الملكية البريطانية لعلماء النفس من أن الوباء يمكن أن يخلق جيلًا "مأزوم نفسياً" سيتأثر بأمراض عقلية "مدى الحياة" إذا لم يتلقى الدعم والمساندة النفسية اللازمة ، وذلك بعد أن أظهرت البيانات الصادرة عنها عن زيادة عدد الأطفال الذين تمت إحالتهم بالفعل للحصول على دعم الصحة العقلية إلى ما يقرب من 400 ألف خلال عام 2020 بزيادة قدرها 28% عن عام 2019 ، وكذلك أكد الباحثين بهيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية أن نسبة الأطفال الذين يعانون من مشاكل في الصحة العقلية ارتفعت بنسبة 50% مما كانت عليه قبل الوباء ، وهذا يعني أن واحد من كل ستة أطفال يعاني الآن من أعراض نفسية كالقلق أو الاكتئاب أو الوحدة أو فكرة الموت المفاجئ المصاحب للإصابة ، لتصبح الصحة العقلية والنفسية هي أكبر المخاوف التي ستواجه هذا الجيل من الأطفال ، في ظل غياب دور كثير من الأسر والمختصين عن تقديم الدعم النفسي والاجتماعي اللازم لهؤلاء الأطفال لتخفيف الأثر النفسي الناتج من الجائحة ، وأطفال المملكة العربية السعودية هم جزء من أطفال هذا العالم ويملكون نفس الخصائص العمرية ومروا بنفس الظروف وما ظهر من آثار نفسية في مجتمعات أخرى بعيدة عنّا هو موجود لدينا لتشابه الظروف المرضية وتطابق الحالات ونتائج الأبحاث كما هو معروف علمياً .
والسؤال : هل عانى أطفالك من آثار جائحة كورونا النفسية ؟ وهل لديهم تساؤلات مستمرة عنها ؟ بعد إجابتك على هذين السؤالين يأتي دورك في تقديم مايلزم لأطفالك للمحافظة على صحتهم النفسية خلال الفترة الحالية وسنوات عمرهم القادمة بإذن الله .